أمهات المؤمنين
صفحة 1 من اصل 1
أمهات المؤمنين
علّمنا رسول الله أن نحافظ على أسرار بيوتنا.. ومع ذلك فقد فتح بيوته للناس.. يتعرفون على أسراره الزوجية.. وأخلاقه في بيته.. وأسلوب معاشرته لأزواجه.. كيف مازحهن.. كيف داعبهن.. كيف عاشرهن.. لماذا غضبن.. وكيف رضين.. غيرتهن.. تآمرهن وتظاهرهن على الكيد له.. غضبه منهن.. تخييره لهنّ بين الدنيا والآخرة..
لا يستطيع ذلك إلا نبي.. فقد أراد صلى الله عليه وسلم أن يعلّم زوجاته ويدربهّن لتعليم بنات جنسهنّ.. ويعلم المسلمين كيف يتصرفوا مع زوجاتهم.. وكيف يديروا شؤون بيوتهم..
رسول الله في بيته
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم المثل الكامل والأسوة الحسنة للرجال في حسن معاشرته أزواجه بالمعروف. والقسمة بينهن بالعدل في المبيت والنفقة واللطف والتكريم.
كان يزورهن كلهن صباحا للوعظ والتعليم، ومساء للمجاملة والمؤانسة، وكن يجتمعن معه في بيت كل منهن. وكان يخدم في بيته ويقضي حوائجه بيده. قالت السيدة عائشة رضي الله عنها: ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده امرأة قط. وتقول: كان ألين الناس وأكرم الناس وكان رجلا من رجالكم إلا انه كان بسّاما[1][1].
كان إذا أراد السفر أقرع بين نسائه. ولما مرض مرضه الأخير.. أستأذنهن أن يكون في بيت عائشة فأذنّ له.
كان يحب عائشة ويميل لها.. وكانت هي أكثرهن إدلالا عليه.. ولمَ لا.. وقد رزق حبها ويقول: اللهم هذا قسمي فيما أملك.. فلا تلمني فيما تملك ولا أملك.
أحزاب وضرائر
تقول السيدة عائشة رضي الله عنها: إن نساء رسول الله كن حزبين: حزب فيه عائشة وحفصة وسودة وصفية. والحزب الآخر فيه أم سلمة وسائر نساء النبي صلى الله عليه وسلم. وكان المسلمون –وقد علموا حب رسول الله عائشة- يقدمون هداياهم لرسول الله في بيتها.. وكان ذلك مبعث غيرة نسائه الأخريات.. ولقد كلمته أم سلمة..
وكلمته ابنته فاطمة في ذلك فقال لها: يا بنية ألا تحبين ما أحب..؟ قالت بلى.. قال فأحبي هذه.. وأخيرا كلمته زينب بنت جحش وقالت: إن نساءك ينشدنك العدل في بنت أبي قحافة، ورفعت صوتها حتى تناولت عائشة وهي قاعدة فسبتها، وردت عائشة على زينب حتى أسكتتها.. فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عائشة وقال: إنها ابنة أبي بكر[1][2]. يعني إنها مثل أبيها ذكاء وعقلا وحجة.
كان بالامكان أن تبقى هذه الأحاديث.. من أسرار البيوت.. ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم تحدث بها.. وتناقلها عنه الرواة.. ولسان الحال يقول: إن البيت النبوي مثل سائر البيوت.. ونساؤه مثل سائر النساء.. تنشب بينهن الخلافات ويتحزبن مع هذا الفريق أو ذاك.. ويتزاحمن على قلب النبي كل واحدة منهن ترغب بامتلاكه.
الغيرة الزوجية
الغيرة الزوجية غريزة أو عاطفة في الرجال والنساء، وهي فيهن أشد ولاسيما إذا تعددن عند الرجل. ولئن كان أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كلهن يغرن من عائشة لعلمهن بأنها الأحب إليه.. فلهي كانت أشدهن غيرة، حتى كانت تغار من خديجة.. وهي لم ترها. وفي كتب السيرة والسنة أحاديث كثيرة تتحدث عن غيرة عائشة، وغيرة بقية نسائه.. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعالج كل ذلك بالصبر والأناة والحلم والتسامح[1][3].
تظاهر نساء النبي على الكيد له
والأمر يتصل بالغيرة.. فقد شرب مرة عسلا عند زينب كان أهدي إليها وكان يحبه، فأغرت عائشة به جميع نسائه فتظاهرن على الكيد له.. حتى لا يعود إلى شرب العسل عندها.. بأن تواطأن على أن ينكرن رائحته مما شرب ففعلن، وكان شديد الكراهة للرائحة الخبيثة فامتنع عن شرب ذلك العسل عندها وحرّمه على نفسه فلما علم بكيدهن وكذبهن عليه غضب عليهن كلهن[1][4].
وتواطأت عائشة مع حفصة في حادثة تحريم مارية القبطية، وكان سببه غضب حفصة لاجتماعه (أي بمارية) بها في بيتها فاسترضاها بتحريم مارية عليه وأمرها أن تكتم الخبر فأفشته لعائشة.. وفيهما نزل قول الله تعالى: )يا أيها النبي لمَ تحرم ما أحلّ الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم. قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم والله مولاكم وهو العليم الحكيم. وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرّف بعضه وأعرض عن بعض، فلمّا نبّأها به قالت: من أنبأك هذا قال نبّأني العليم الخبير. إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما وإن تَظاهرا عليه فإنّ الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير. عسى ربه إن طلّقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا([1][5].
واتفقت الروايات على أن تخيير النبيصلى الله عليه وسلمأزواجه بين تطليقهن وإبقائهن على عصمته على الوجه الذي يريده منهن وهو أن يكنّ قدوة صالحة للنساء في الدين، كان بعد حادثة غضبه من أجل ذلك الحديث الذي أفشته حفصة إلى عائشة، وهجره لهن شهرا.
وقد صح أنه حدث في أثناء ذلك سبب آخر للتخيير وهو إلحافهن بطلب التوسعة في النفقة والزينة[1][6].
لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعيش حياة شظف في بيته..
ففي الحديث عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما دخل إلى بيت النبي بكى، فقال رسول الله ما يبكيك يا ابن الخطاب؟ قلت ومالي لا أبكي وهذا الحصير قد أثّر في جنبك، وهذه خزانتك لا أرى فيها إلا ما أرى، وذاك قيصر وكسرى في الأنهار والثمار وأنت رسول الله وصفوته.. فقال له النبي: إن أولئك قوم عجلوا طيباتهم في الحياة الدنيا.
فأية قدوة صالحة للنساء المسلمات في ذلك الزمان وإلى آخر الزمان.. إذا كانت أمهات المؤمنين مسرفات يبحثن عن حظوظ الدنيا وشهواتها وزينتها..؟
قال تعالى: )يا أيها النبي قل لأزواجك: إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكنّ وأسرحكنّ سراحا جميلا.. وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعدّ للمحسنات منكنّ أجرا عظيما([1][7].
اختيارهنّ الله ورسوله
كان رسول الله يعامل أزواجه أكرم معاملة يمكن أن تحلم بها امرأة.. ومع حبهن الشديد وتقديرهن الكبير للنبي الزوج.. إلا أن الغيرة أوحت لكل واحدة منهن سببا لإيذاء النبي ومحاولة السيطرة على قلبه وأن تكون الأولى القريبة منه..
تظاهرن عليه، وكدن له، وأفشين أسرارا استأمنهن على كتمانها، وطالبنه بمزيد من النفقة.. وهو الذي ادّخر طيباته إلى الحياة الأخرى.. فحذرهنّ.. وهجرهنّ.. وأخيرا خيّرهنّ بين البقاء يتحملن معه شؤون الدعوة وتبعاتها، ويكنّ المثل الأعلى لنساء المؤمنين، وبين طلاقهنّ..
في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم عندما نزلت آية التخيير قال: فبدأ بعائشة فقال: يا عائشة إني أريد أن أعرض عليك أمرا أحب أن لا تعجلي فيه حتى تستشيري أبويك. قالت وما هو يا رسول الله؟ فتلا عليها الآية قالت: أفيك يا رسول الله أستشير أبوي؟ بل أختار الله ورسوله والدار الآخرة، وأسألك أن لا تخبر امرأة من نسائك بالذي قلت، قال (لا تسألني امرأة منهن إلا أخبرتها، إن الله لم يبعثني معنتا ولا متعنتا ولكن بعثني معلما ميسرا، ثم خيّرهن كلّهن فاخترن ما هو خير لهن.. اخترن الله ورسوله والدار الآخرة).
مضاعفة أجرهن
وأمام هذه العودة الكريمة إلى الصواب، واختيارهن البقاء إلى جانب النبي صلى الله عليه وسلم، أثابهن الله أجرا مضاعفا على جميل صبرهن.
قال تعالى: {ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحا نؤتها أجرها مرتين وأعتدنا لها رزقا كريما. يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا. وقَرْن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقِمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله، إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا. واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفا خبيرا( [1][8] .
تحريم طلاقهنّ
ونزل قوله تعالى: )لا يحلُّ لك النساءُ من بعدُ ولا أن تبدَّلَ بهن من أزواج ولو أعجبك حسنُهُنَّ إلا ما ملكت يمينُك، وكان الله على كل شيء رقيبا( [1][9].
وواضح أن هذه الآية نزلت في مكافأة أزواج النبي على اختيارهن الله ورسوله وثواب الدار الآخرة على نعيم الحياة الدنيا وزينتها فحرّم عليه أن يتزوج عليهن أو يستبدل بهن أزواجا أخرى..
صيانة مقامهنّ
كان بعض أصحابه صلى الله عليه وسلم غافلا عن التزام الأدب اللائق ببيوت الرسول ، فكانوا يجلسون عنده في كل وقت، وربما أطالوا فيتأذى الرسول ويستحي أن يصرفهم. وصيانة لوقت النبي وبيته ومقام أزواجه نزل قوله تعالى: )يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتَ النبي إلا أن يؤذنَ لكم إلى طعام غيرَ ناظرين إناه، ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعِمتم فانتشروا، ولا مستأنسين لحديثٍ، إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحي منكم والله لا يستحي من الحق، وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهنَّ من وراء حجاب ذلكم أطهرُ لقلوبكم وقلوبهن وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكِحوا أزواجه من بَعْدِهِ أبدا إن ذلكم كان عند الله عظيما( [1][10].
إنما تقرر ذلك لتبيان ما يجب على المؤمنين من توقيره صلى الله عليه وسلم وتعظيم حرمته وسدّ منافذ الذرائع.. خاصة وان المنافقين كانوا يتربصون.. كما فعلوا (يوم الإفك) في رمي السيدة عائشة، ومن هذا القبيل أن صفية أم المؤمنين زارت النبي وهو معتكف في العشر الأخير من رمضان في المسجد فتحدثت عنده ساعة فلما قامت تنقلب راجعة قام معها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا بلغا باب المسجد مرّ بهما رجلان من الأنصار فسلما ثم نفذا (مسرعين) فقال لهما صلى الله عليه وسلم علــى رسلكمــا إنمــا هي صفية بنت حيي، إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم..
أمهات المؤمنين
قال تعالى: )النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم( [1][11].هذا هو القول الكريم، الذي تردده محاريب المسلمين منذ خمسة عشر قرنا وستظل تردده إلى قيام الساعة، يسمعه المؤمن فيمتلئ صدره إعظاما وإجلالا: لمن شاركن الرسول صلى الله عليه وسلم في ضرائه وسرائه، وصبرن معه على شظف العيش وكلب الزمان، وتحملن معه صروف الأذى وخففن عنه ما يجد من آلام في سبيل الدعوة إلى الله.
ظلت بيوتهن مهابط الوحي والرحمة والهدى مدة حياتهصلى الله عليه وسلم، فلما انتقل إلى جوار ربه، بقيت هذه البيوت مثابة للناس يقصدونها متعلمين مستفتين، أو ملتجئين مستغيثين، فكانت تهدي الحائر، وتعلم الجاهل، وتحمي الملتجئ، وتنجد المستغيث، ولبث الناس جميعا على اختلاف طبقاتهم: الخلفاء فمن دونهم يخضعون لأزواج الرسول خضوع الأبرار لأمهاتهم.
ولننظر في هذا الحوار الذي دار بين أم سلمة أم المؤمنين والخليفة عثمان رضي الله عنه.. قالت أم سلمة: يا بني ما لي أرى رعيتك عنك نافرين، ومن جنبك مزورين. لا تعفُ طريقا كان رسول الله لحبها (بيّنها)، ولا تقتدح زندا كان أكباها، توخّ حيث توخى صاحباك. هذه حق بنوتي قضيتها إليك ولي عليك حقّ الطاعة [1][12].
وكان من رحمة الله بهذه الأمة، أن طال عمرهن بعده صلى الله عليه وسلم، فنقلن لأمته كثيرا من سنته وخاصة فيما لا يطلع عليه إلا النساء، فعن طريقهن عرف المسلمون أحواله المنزلية، وعنهن رووا كثيرا من السنة التي لولاهن لضاعت، وكانت بيوتهن بمنزلة مدارس مفتحة الأبواب يتعلم فيها النساء والرجال دينهم على السواء[1][13] .
أمرهنّ بعد رسول الله
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير الاهتمام بأمرهن وكان يقول: (إن أمركنّ مما يهمني من بعدي، ولا يحنو عليكن إلا الصابرون) [1][14].
كانت تروى عنهن المآثر في الزهد والورع.. وكان النساء والرجال يقصدونهن للتعلم والسؤال وهنّ يحدثن كلا بما سمعن ورأين من قول النبي وفعله وحاله، وأصبحن أسوة لغيرهن من النسوة في التدين، وكانت سيرتهن خير سيرة ينبغي أن يكون عليها نساء الأنبياء صلوات الله عليهم.
لا يستطيع ذلك إلا نبي.. فقد أراد صلى الله عليه وسلم أن يعلّم زوجاته ويدربهّن لتعليم بنات جنسهنّ.. ويعلم المسلمين كيف يتصرفوا مع زوجاتهم.. وكيف يديروا شؤون بيوتهم..
رسول الله في بيته
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم المثل الكامل والأسوة الحسنة للرجال في حسن معاشرته أزواجه بالمعروف. والقسمة بينهن بالعدل في المبيت والنفقة واللطف والتكريم.
كان يزورهن كلهن صباحا للوعظ والتعليم، ومساء للمجاملة والمؤانسة، وكن يجتمعن معه في بيت كل منهن. وكان يخدم في بيته ويقضي حوائجه بيده. قالت السيدة عائشة رضي الله عنها: ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده امرأة قط. وتقول: كان ألين الناس وأكرم الناس وكان رجلا من رجالكم إلا انه كان بسّاما[1][1].
كان إذا أراد السفر أقرع بين نسائه. ولما مرض مرضه الأخير.. أستأذنهن أن يكون في بيت عائشة فأذنّ له.
كان يحب عائشة ويميل لها.. وكانت هي أكثرهن إدلالا عليه.. ولمَ لا.. وقد رزق حبها ويقول: اللهم هذا قسمي فيما أملك.. فلا تلمني فيما تملك ولا أملك.
أحزاب وضرائر
تقول السيدة عائشة رضي الله عنها: إن نساء رسول الله كن حزبين: حزب فيه عائشة وحفصة وسودة وصفية. والحزب الآخر فيه أم سلمة وسائر نساء النبي صلى الله عليه وسلم. وكان المسلمون –وقد علموا حب رسول الله عائشة- يقدمون هداياهم لرسول الله في بيتها.. وكان ذلك مبعث غيرة نسائه الأخريات.. ولقد كلمته أم سلمة..
وكلمته ابنته فاطمة في ذلك فقال لها: يا بنية ألا تحبين ما أحب..؟ قالت بلى.. قال فأحبي هذه.. وأخيرا كلمته زينب بنت جحش وقالت: إن نساءك ينشدنك العدل في بنت أبي قحافة، ورفعت صوتها حتى تناولت عائشة وهي قاعدة فسبتها، وردت عائشة على زينب حتى أسكتتها.. فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عائشة وقال: إنها ابنة أبي بكر[1][2]. يعني إنها مثل أبيها ذكاء وعقلا وحجة.
كان بالامكان أن تبقى هذه الأحاديث.. من أسرار البيوت.. ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم تحدث بها.. وتناقلها عنه الرواة.. ولسان الحال يقول: إن البيت النبوي مثل سائر البيوت.. ونساؤه مثل سائر النساء.. تنشب بينهن الخلافات ويتحزبن مع هذا الفريق أو ذاك.. ويتزاحمن على قلب النبي كل واحدة منهن ترغب بامتلاكه.
الغيرة الزوجية
الغيرة الزوجية غريزة أو عاطفة في الرجال والنساء، وهي فيهن أشد ولاسيما إذا تعددن عند الرجل. ولئن كان أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كلهن يغرن من عائشة لعلمهن بأنها الأحب إليه.. فلهي كانت أشدهن غيرة، حتى كانت تغار من خديجة.. وهي لم ترها. وفي كتب السيرة والسنة أحاديث كثيرة تتحدث عن غيرة عائشة، وغيرة بقية نسائه.. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعالج كل ذلك بالصبر والأناة والحلم والتسامح[1][3].
تظاهر نساء النبي على الكيد له
والأمر يتصل بالغيرة.. فقد شرب مرة عسلا عند زينب كان أهدي إليها وكان يحبه، فأغرت عائشة به جميع نسائه فتظاهرن على الكيد له.. حتى لا يعود إلى شرب العسل عندها.. بأن تواطأن على أن ينكرن رائحته مما شرب ففعلن، وكان شديد الكراهة للرائحة الخبيثة فامتنع عن شرب ذلك العسل عندها وحرّمه على نفسه فلما علم بكيدهن وكذبهن عليه غضب عليهن كلهن[1][4].
وتواطأت عائشة مع حفصة في حادثة تحريم مارية القبطية، وكان سببه غضب حفصة لاجتماعه (أي بمارية) بها في بيتها فاسترضاها بتحريم مارية عليه وأمرها أن تكتم الخبر فأفشته لعائشة.. وفيهما نزل قول الله تعالى: )يا أيها النبي لمَ تحرم ما أحلّ الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم. قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم والله مولاكم وهو العليم الحكيم. وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرّف بعضه وأعرض عن بعض، فلمّا نبّأها به قالت: من أنبأك هذا قال نبّأني العليم الخبير. إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما وإن تَظاهرا عليه فإنّ الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير. عسى ربه إن طلّقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا([1][5].
واتفقت الروايات على أن تخيير النبيصلى الله عليه وسلمأزواجه بين تطليقهن وإبقائهن على عصمته على الوجه الذي يريده منهن وهو أن يكنّ قدوة صالحة للنساء في الدين، كان بعد حادثة غضبه من أجل ذلك الحديث الذي أفشته حفصة إلى عائشة، وهجره لهن شهرا.
وقد صح أنه حدث في أثناء ذلك سبب آخر للتخيير وهو إلحافهن بطلب التوسعة في النفقة والزينة[1][6].
لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعيش حياة شظف في بيته..
ففي الحديث عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما دخل إلى بيت النبي بكى، فقال رسول الله ما يبكيك يا ابن الخطاب؟ قلت ومالي لا أبكي وهذا الحصير قد أثّر في جنبك، وهذه خزانتك لا أرى فيها إلا ما أرى، وذاك قيصر وكسرى في الأنهار والثمار وأنت رسول الله وصفوته.. فقال له النبي: إن أولئك قوم عجلوا طيباتهم في الحياة الدنيا.
فأية قدوة صالحة للنساء المسلمات في ذلك الزمان وإلى آخر الزمان.. إذا كانت أمهات المؤمنين مسرفات يبحثن عن حظوظ الدنيا وشهواتها وزينتها..؟
قال تعالى: )يا أيها النبي قل لأزواجك: إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكنّ وأسرحكنّ سراحا جميلا.. وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعدّ للمحسنات منكنّ أجرا عظيما([1][7].
اختيارهنّ الله ورسوله
كان رسول الله يعامل أزواجه أكرم معاملة يمكن أن تحلم بها امرأة.. ومع حبهن الشديد وتقديرهن الكبير للنبي الزوج.. إلا أن الغيرة أوحت لكل واحدة منهن سببا لإيذاء النبي ومحاولة السيطرة على قلبه وأن تكون الأولى القريبة منه..
تظاهرن عليه، وكدن له، وأفشين أسرارا استأمنهن على كتمانها، وطالبنه بمزيد من النفقة.. وهو الذي ادّخر طيباته إلى الحياة الأخرى.. فحذرهنّ.. وهجرهنّ.. وأخيرا خيّرهنّ بين البقاء يتحملن معه شؤون الدعوة وتبعاتها، ويكنّ المثل الأعلى لنساء المؤمنين، وبين طلاقهنّ..
في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم عندما نزلت آية التخيير قال: فبدأ بعائشة فقال: يا عائشة إني أريد أن أعرض عليك أمرا أحب أن لا تعجلي فيه حتى تستشيري أبويك. قالت وما هو يا رسول الله؟ فتلا عليها الآية قالت: أفيك يا رسول الله أستشير أبوي؟ بل أختار الله ورسوله والدار الآخرة، وأسألك أن لا تخبر امرأة من نسائك بالذي قلت، قال (لا تسألني امرأة منهن إلا أخبرتها، إن الله لم يبعثني معنتا ولا متعنتا ولكن بعثني معلما ميسرا، ثم خيّرهن كلّهن فاخترن ما هو خير لهن.. اخترن الله ورسوله والدار الآخرة).
مضاعفة أجرهن
وأمام هذه العودة الكريمة إلى الصواب، واختيارهن البقاء إلى جانب النبي صلى الله عليه وسلم، أثابهن الله أجرا مضاعفا على جميل صبرهن.
قال تعالى: {ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحا نؤتها أجرها مرتين وأعتدنا لها رزقا كريما. يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا. وقَرْن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقِمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله، إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا. واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفا خبيرا( [1][8] .
تحريم طلاقهنّ
ونزل قوله تعالى: )لا يحلُّ لك النساءُ من بعدُ ولا أن تبدَّلَ بهن من أزواج ولو أعجبك حسنُهُنَّ إلا ما ملكت يمينُك، وكان الله على كل شيء رقيبا( [1][9].
وواضح أن هذه الآية نزلت في مكافأة أزواج النبي على اختيارهن الله ورسوله وثواب الدار الآخرة على نعيم الحياة الدنيا وزينتها فحرّم عليه أن يتزوج عليهن أو يستبدل بهن أزواجا أخرى..
صيانة مقامهنّ
كان بعض أصحابه صلى الله عليه وسلم غافلا عن التزام الأدب اللائق ببيوت الرسول ، فكانوا يجلسون عنده في كل وقت، وربما أطالوا فيتأذى الرسول ويستحي أن يصرفهم. وصيانة لوقت النبي وبيته ومقام أزواجه نزل قوله تعالى: )يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتَ النبي إلا أن يؤذنَ لكم إلى طعام غيرَ ناظرين إناه، ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعِمتم فانتشروا، ولا مستأنسين لحديثٍ، إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحي منكم والله لا يستحي من الحق، وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهنَّ من وراء حجاب ذلكم أطهرُ لقلوبكم وقلوبهن وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكِحوا أزواجه من بَعْدِهِ أبدا إن ذلكم كان عند الله عظيما( [1][10].
إنما تقرر ذلك لتبيان ما يجب على المؤمنين من توقيره صلى الله عليه وسلم وتعظيم حرمته وسدّ منافذ الذرائع.. خاصة وان المنافقين كانوا يتربصون.. كما فعلوا (يوم الإفك) في رمي السيدة عائشة، ومن هذا القبيل أن صفية أم المؤمنين زارت النبي وهو معتكف في العشر الأخير من رمضان في المسجد فتحدثت عنده ساعة فلما قامت تنقلب راجعة قام معها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا بلغا باب المسجد مرّ بهما رجلان من الأنصار فسلما ثم نفذا (مسرعين) فقال لهما صلى الله عليه وسلم علــى رسلكمــا إنمــا هي صفية بنت حيي، إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم..
أمهات المؤمنين
قال تعالى: )النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم( [1][11].هذا هو القول الكريم، الذي تردده محاريب المسلمين منذ خمسة عشر قرنا وستظل تردده إلى قيام الساعة، يسمعه المؤمن فيمتلئ صدره إعظاما وإجلالا: لمن شاركن الرسول صلى الله عليه وسلم في ضرائه وسرائه، وصبرن معه على شظف العيش وكلب الزمان، وتحملن معه صروف الأذى وخففن عنه ما يجد من آلام في سبيل الدعوة إلى الله.
ظلت بيوتهن مهابط الوحي والرحمة والهدى مدة حياتهصلى الله عليه وسلم، فلما انتقل إلى جوار ربه، بقيت هذه البيوت مثابة للناس يقصدونها متعلمين مستفتين، أو ملتجئين مستغيثين، فكانت تهدي الحائر، وتعلم الجاهل، وتحمي الملتجئ، وتنجد المستغيث، ولبث الناس جميعا على اختلاف طبقاتهم: الخلفاء فمن دونهم يخضعون لأزواج الرسول خضوع الأبرار لأمهاتهم.
ولننظر في هذا الحوار الذي دار بين أم سلمة أم المؤمنين والخليفة عثمان رضي الله عنه.. قالت أم سلمة: يا بني ما لي أرى رعيتك عنك نافرين، ومن جنبك مزورين. لا تعفُ طريقا كان رسول الله لحبها (بيّنها)، ولا تقتدح زندا كان أكباها، توخّ حيث توخى صاحباك. هذه حق بنوتي قضيتها إليك ولي عليك حقّ الطاعة [1][12].
وكان من رحمة الله بهذه الأمة، أن طال عمرهن بعده صلى الله عليه وسلم، فنقلن لأمته كثيرا من سنته وخاصة فيما لا يطلع عليه إلا النساء، فعن طريقهن عرف المسلمون أحواله المنزلية، وعنهن رووا كثيرا من السنة التي لولاهن لضاعت، وكانت بيوتهن بمنزلة مدارس مفتحة الأبواب يتعلم فيها النساء والرجال دينهم على السواء[1][13] .
أمرهنّ بعد رسول الله
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير الاهتمام بأمرهن وكان يقول: (إن أمركنّ مما يهمني من بعدي، ولا يحنو عليكن إلا الصابرون) [1][14].
كانت تروى عنهن المآثر في الزهد والورع.. وكان النساء والرجال يقصدونهن للتعلم والسؤال وهنّ يحدثن كلا بما سمعن ورأين من قول النبي وفعله وحاله، وأصبحن أسوة لغيرهن من النسوة في التدين، وكانت سيرتهن خير سيرة ينبغي أن يكون عليها نساء الأنبياء صلوات الله عليهم.
الكرمي- مراقب
-
عدد الرسائل : 51
العمر : 36
الدولة : فلسطين
المدينه : عتيل _طولكرم
الوظيفه : طالب
sms : <!--- MySMS By AlBa7ar Semauae.com --><form method="POST" action="--WEBBOT-SELF--"> <!--webbot bot="SaveResults" u-file="fpweb:///_private/form_results.csv" s-format="TEXT/CSV" s-label-fields="TRUE" --><fieldset style="padding: 2; width:208; height:104"> <legend><b>My SMS</b></legend> <marquee onmouseover="this.stop()" onmouseout="this.start()" direction="up" scrolldelay="2" scrollamount="1" style="text-align: center; font-family: Tahoma; " height="78">أميرة الحرية دخلت من أبوابها كأي غريب دخلت لا في نفسي حاجة دخلت لا لسذاجة إنها مدينة العيون مدينة غرقت بالجنون تقدمت بخط قليلة أنظر حولي بلا حيلة حينها توقفت أنفاسي للحظة طويلة أسأل نفسي في حيرة أأرى ما أرى أم أنا جننت لا محالا أميرة تباع في سوق طويلة!!!!!تقدمت بخط مرعوبا تقدمت لكن بصعوبة قلت بصوت خافت يكاد يسمعه البائع بكم هذه الأميرة ؟أهي بحياتي أم بعيوني أو خذ بعض دهشتي وجنوني قال لا يفتى خذها من غير ثمن فقد أعفى عنها الزمن هي مني لك هدية هي الجواب هي السؤال هي البنـدقـيـةهي سبيل النجاة وطريق الحرية </marquee></fieldset></form><!--- MySMS By AlBa7ar Semauae.com -->
تاريخ التسجيل : 25/08/2007
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى